اليوم في زاوية ذاكرة إعلامية.. سيلتقي قراء مدونة “روض نيوز” مع الكاتب المصري الراحل لطفي الخولي في حديث عميق عن اليسار، والسياسة في مصر .مبارك والانتفاضة الفلسطينية
أجرى الحوار: المصطفى روض
الكاتب المصري لطفي الخولي هو أحد الوجوه البارزة في الساحتين الثقافية والسياسية المصرية، فضلا عن كونه رئيس اتحاد الكتاب الأفرو – أسيويين، فهو أمين سر حزب التجمع الوحدوي التقدمي.
عندما التقيناه، أجرينا معه حوارا مطولا عام 1991 لفائدة جريدة “أنوال” تركز بالأساس حول قضايا الساعة التي تستأثر باهتمام الرأي العام العربي و الدولي، و من بين هذه القضايا ما يتصل بالأوضاع العربية بعد حرب الخليج و بالقضية الفلسطينية و ما يرتب لها في إطار مؤتمر السلام الوشيك حول الشرق الأوسط و بالحياة السياسية و تجربة التجمع الوحدوي التقدمي في مصر… الخ.
أنوال: يمر الوطن العربي حاليا من أزمة حادة ربما هي أخطر أزمة يعرفها التاريخ العربي، فكيف يبدو لكم الوضع السياسي العربي في ضوء هذه الأزمة؟
لطفي الخولي: أوافقك الرأي بأن هذه الفترة هي من أخطر الفترات التي يمر منها العالم العربي، لأنه يعرف انقساما خطيرا، إن على المستوى السياسي أو على المستوى الاقتصادي و الاجتماعي. و هو بالإضافة إلى ذلك، ليس له حتى الآن رؤية للمستقبل واضحة و محددة أو على الأقل، لا وجود لتفاهم بين الأطراف العربية، سواء على مستوى النظم و الحكومات أو على مستوى الحركات السياسية و الحزبية و الشعبية، بل أحيانا تجد الإنسان – أيا كان موقفه، مثلا، مما يسمى أزمة الخليج نتيجة الأحداث المعقدة في هذه الأزمة – يسائل نفسه، هل هو في موقف صحيح أم غير صحيح؟ و أحيانا يتغير من موقف إلى موقف، معنى هذا، أن هناك ميوعة في الموقف السياسي أو ما يمكن أن يسمى بالحيرة: أين الصحيح و أين الخطأ؟ و أعتقد أن لا احد سيخرجنا من الحيرة سوى أنفسنا، بل لم يعد هناك من يستطيع أن يمد لك يد المساعدة في هذا الشأن. فإذا لم نصل إلى تفاهم حول إيجاد قواسم مشتركة و أرضية مشتركة نتعايش فيها و ننطلق، على قدر ظروفنا، في محاولة لإيجاد مخرج لهذه الأزمة، فإننا سنضيع فرصة الاستفادة من هذه المتغيرات العالمية و الإقليمية التي تجري أمامنا و تتشكل قواها و نظمها و نظامها الاقتصادي العالمي و نظامها السياسي العالمي.
لا بد من إيجاد صيغة مشتركة من الأمير إلى الغفير
فعلا، الموضوع كما يبدو، ببساطة، هو أن الحريق اشتعل بالبيت، و نحن نتشاجر فيما بيننا على من هو أحق بهذه الغرفة أو تلك، و أحيانا على أسلوب إطفاء النيران.. لكن النيران لا تنتظر.. ستحرق الجميع، أيا كانت الصراعات السياسية و الاجتماعية بيننا، يجب أن نجد طريقا مشتركا، و لم يعد في قدرة احد أن ينفي الآخر الذي يختلف معه و يصطرع معه أو يقف على الجانب الآخر من الخندق، و بالتالي لا بد من إيجاد صيغة مشتركة لنتواجد فيها كلنا من الأمير إلى الغفير؛ و بدون هذا، ستتبدد كل مواردنا و طاقاتنا و سيدمر يعضنا البعض. و يبدو أن هناك وباء يتجدد، و هو أن كل سبعة عشرة سنة، ينشط – ما أسميه – الفيروس العربي الغير عقلاني الذي نفتح له أجسامنا لكي يأكلها و يدمرها من الداخل، في حين أن هذا الجسم هو ملكنا جميعا.
خطابي السياسي.. غير مقنع للجماهير..
أنوال: بالنسبة لما دعوت إليه من ضرورة إيجاد قواسم مشتركة للتعايش في إطارها و لمواجهة غيرنا من الأعداء.. يبدو واضحا أن محاولات عديدة تمت لإيجاد هذه القواسم المشتركة في إطار حركة التحرر العربية، إلا أن هناك عوامل خارجية، و بمساعدة قوى داخلية، أحبطت هذه المحاولات. ألست متفقا معي في هذا الرأي؟
لطفي الخولي: الأنظمة موجودة، و إذا كان في قدرتنا أن نزيلها لكنا أزلناها. و التجربة تقطع على انه حتى الآن لم تستطع الحركة الوطنية أن تسيد موقفها تماما و بأن تكون البديل لهذه الأنظمة، سواء على مستوى كل بلد أو على مستوى منطقة الشرق الأوسط أو على مستوى الوطن العربي، فلا المناخ الدولي و لا علاقات الكون تسمح بذلك، و بالتالي يصبح نوع من العناد للتاريخ و للواقع لو نحن كررنا نفس الأخطاء. ليس معنى هذا أنني مختلف معك، لنتحدث بصراحة، بالإضافة إلى هذه القوة، و هي قوة جماهيرية، ليس لديها قوة أخرى غير الجماهير. هذه الجماهير، من الواضح حتى الآن، أن خطابي السياسي و برنامجي غير مقنع لها بجانب قمع الأنظمة. و الجماهير، لو اقتنعت ببرنامجي و خطابي لأوقفت القمع، إذن، ما الحل؟ الحل هو أيضا إيجاد أرضية مشتركة مع النظام الذي أنا أعارضه، و تصبح القضية – ليست قضية البديل – و إنما قضية الضغط من أجل فرض المزيد من الحقوق السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية للجماهير. أكذوبة أن أقول إننا نعيش نظما ديمقراطية، و أيضا أكذوبة أن نقول إننا
الديمقراطية الحقيقية زواج صحي بين الديمقراطية السياسية و الديمقراطية الاجتماعية
نستطيع – بين يوم و ليلة – جعل بلادنا ديمقراطية. بأي معيار إذن سنطبق الديمقراطية، هل بمعيار الديمقراطية الليبرالية التي أثبتت أنها ليست مرحلة في التاريخ، و إنما هي مكسب اكتسبته الجماهير منذ الثورة الفرنسية و عليها أن تطوره أم بمعيار آخر؟
الفكرة التي كانت تقول إن هناك نوعين من الديمقراطية: الديمقراطية السياسية و الديمقراطية الاجتماعية الاشتراكية، أثبت الواقع بأنها غير صحيحة و بأن الديمقراطية الحقيقية هي الزواج الصحي بين الديمقراطية السياسية و الديمقراطية الاجتماعية، بقدر أو بآخر، حسب ظروف كل بلد. هناك حد أدنى لهذه الديمقراطية و هي احترام حقوق الإنسان من حيث هو إنسان كقيمة و احترام حقوق التعبير الحر و حرية اتخاذ المواقف و إحداث التنظيم.. الخ. لكن ليس هناك سقف للديمقراطية، و هذا السقف بالتطور الاجتماعي و الثقافي و الوعي الجماهيري، يرتفع. أما أن نتصور أن الديمقراطية محصورة بين المهتمين بالعمل السياسي فقط، ففي الحقيقة هذه ديمقراطية مقيدة و لا تصل إلى الجماهير، إلى العامل في المعمل و الفلاح في الأرض.. لا بد من أشكال معينة في ممارسة هذه الديمقراطية لتحسين الأوضاع الاجتماعية للجماهير و ضمان حقوقها في العمل بجانب حقها في الربط بين طاقاتها على الإنتاج و مشاركتها في صنع القرار في بلدها مستقبلا. كل هدا، يحتاج إلى صياغة جديدة و ابتكار خلاق خصوصا و أن في العالم الثالث و في العالم العربي هناك خصوصيات كما كانت لأوروبا، و لأمريكا خصوصياتها، و للاتحاد السوفييتي خصوصياته بدأت تظهر الآن بعد إطلاق حركة البرستروكا عام 1985.
ضرورة الخروج من القوقعة الإيديولوجية
نحن نجبن، و لا أستثني نفسي، عن مواجهة الواقع و نتحصن بالإيديولوجية و الشعارات التي رفعناها دون الوعي بأن الواقع و الحياة تجددت.. و أن الإنسان نفسه ضاقت كل هذه الإيديولوجيات عليه، و الآن بثورة العلم و التكنولوجيا، بما حدث في الاتحاد السوفييتي و ما يحدث من أزمات اقتصادية هائلة في الولايات المتحدة الأمريكية، بالوحدة الأوروبية، بما حدث في أزمة الخليج، كل هذا يجعلنا نفكر في ضرورة الخروج من القوقعة الإيديولوجية، لأن الإيديولوجية، من الناحية الصحية، هي كشاف للرؤية، هي وسائل لتحديد الواقع، و هي اختيارات و ليست قيودا، و إلا سنصبح متسمين بالإيديولوجية، ليس هذا معناه إسقاط الإيديولوجيات، و إنما الإيديولوجية تدخل الآن في امتحان جديد إما أن تثبت أنها غير صحيحة و فاشلة و إما أن تتغير فيها أشياء جديدة و أن تغتني بتجارب جديدة. و الواقع، أنه في الخمسينات، كان لنا عذر، بحيث العالم الثالث كان ينهض من الاستعمار و يحاول مواجهة الاستعمار الجديد بعد الحرب العالمية الثانية، و لم تكن له تجربة في بناء المجتمعات.. و كنا حديثي العهد في الخروج من المرحلة الاستعمارية فكان هناك هامش كبير للخطأ و التجربة. الآن، أصبحت لدينا تجربة عمرها 40 سنة، لا نستطيع أن نغفلها و نغفل دروسها و لا بد من تقييمها تقييما نقديا. و هذا النقد، هو أن أمارسه على ذاتي كتيار و كفكر و كممارسة سياسية، في نفس الوقت الذي أنقد فيه الآخرين. أنا في تقديري، ما لم يحدث مؤتمرا عربيا حقيقيا للنقد الذاتي بين جميع التيارات و الروافد الأساسية التي تكون العقل و الوجدان العربيين، و هي الرافد الديني الإسلامي و الرافد الليبرالي و الرافد القومي و الرافد الاجتماعي بمدارسه المختلفة ابتداء من الاشتراكية الديمقراطية إلى الاشتراكية الماركسية، بأمانة و صدق و موضوعية، لا نستطيع أن نطهر الجراح التي أثخنا بها بعضنا البعض. أعتقد أن هذه النقطة جوهرية بدونها سنظل ندور في حلقة مفرغة.
أنوال: معنى هذا أن التجمع الوحدوي التقدمي المصري بدأ ينتهج نقدا ذاتيا لتجربنه؟
لطفي الخولي: أعتقد ذلك، و ما قلته لك هو رأي شخصي سبق و أن نشرته في جريدة الأهرام. لكن بالنسبة للحزب، لقد بدأ فعلا ينحو هذا الاتجاه في أدبياته.. و لدينا بعض الاتجاهات داخل الحزب ما زالت – في تقديري – على جمودها و لكنها تشكل أقلية. المهم أن الحوار داخل الحزب حول ما هو كائن في مصر و في العالم العربي قد بدأ بروح نقدية تتسع و تتعمق. و في الاجتماع الأخير للجنة المركزية للحزب قدمت تقارير في هذا الشأن، ذات أهمية كبرى، و سمح لكل تيار أن يقدم رؤيته بما فيها الرؤية النقدية في هذا الإطار. و أعتقد بهذه الطريقة نكون قد وضعنا أقدامنا على خطوة هامة في سبيل إعادة الروح.
أصبح هناك ما يسمى بظاهرة التجمعيين
أنوال: نعرف بأن حزب التجمع الوحدوي التقدمي هو نموذج فريد في تركيبته السياسية و المشكل أساسا من تيارات متباينة: اشتراكية، ناصرية، قومية و إسلامية. فما هي أبرز المعيقات التي وقفت حاجزا أمام تعايش و تطور العلاقة بين مكوناته السياسية و التي لم تسمح بتطوير هذا النموذج الحزبي في الساحة السياسية المصرية؟
لطفي الخولي: في الحقيقة بدأ الحزب كذلك من أربعة تيارات مختلفة و هي: الناصريون، الماركسيون من الأعضاء في الحزب الشيوعي، الاشتراكيون الديمقراطيون و ما نسميهم بالدينيين المستنيرين. و الاتفاق بين هذه التيارات على تكوين حزب التجمع ثم من خلال حوار استمر حوالي عام، و انتهينا فيه إلى وضع برنامج حاز على الأغلبية بعد أن شاركت جميع التيارات في صياغته. و خلال مسيرة الحزب، حاول كل تيار أن تكون له الأغلبية و الكلمة الرئيسية في القيادة و فشلت مثل هذه المحاولات، لأنه إذا تصورت أنك ذكي و أن الآخرين أغبياء، ففي الحقيقة أنت هو الغبي الأكبر! و من خلال التجارب و المواجهة مع السادات و مع مخطط كامب ديفيد و المواجهة مع الأزمات الاقتصادية و الاجتماعية في البلاد، و إشكالية الديمقراطية و القضية التي أثارتها القوى الانفصالية عن عروبة مصر، و القضية الفلسطينية و الصراع العربي الإسرائيلي، و قضية الوحدة العربية و الديمقراطية في الوطن العربي..
كل هذه الأمور جعلت هذه التيارات تنصهر مع بعضها البعض. و الحقيقة الآن، هي أن الوحدة الحزبية تتماسك أكثر و أصبح هناك ما يسمى بظاهرة التجمعيين، و هي الظاهرة الغالبة على جميع التيارات. لكن كأية مؤسسة حزبية هناك – الآن – بعض الخلافات السياسية و الفكرية بين الأعضاء بعضهم البعض. نحن مثلا، بالنسبة لأزمة الخليج كان هناك تيار يعتبر أن الموقف الذي اتخذه الحزب بأغلبيته، غير واضح و غير حاسم، فمن جانب كانت هناك جماعة تقول بإدانة العراق أولا و أخيرا، باعتباره المسؤول الأساسي عما أصاب الكويت و العراق و الأمة العربية كلها، و لا يجب التحجج بوجود التحالف الدولي بقيادة أمريكا و وجود قواتها في المنطقة.. في حين يوجد تيار آخر كان يقول نعم العراق مسؤول عما حدث، لكن بعد ذلك، أصبحت هناك، كارثة أكبر مما فعله العراق و المتمثلة في التواجد الأجنبي الغربي و عودة الاستعمار من جديد بشكله العسكري إلى المنطقة. و كل من هذين الاتجاهين يشكلان أقلية محدودة. الاتجاه العام في الحزب كان يرى مسؤولية العراق الأساسية، و في نفس الوقت، حاول قبل اندلاع الحرب أن يكون هناك حلا عربيا سلميا و لكن – للأسف الشديد – بغداد أقفلت الباب، و في نفس الوقت، كان ضد استخدام القوات الأجنبية في تحرير الكويت.
لا أحد يخاف من نقد النظام الحاكم
أنوال: إن مصر التي تشكل قطبا مهما و وازنا في الساحة العربية لعبت دورا تاريخيا في الدفاع عن مصالح الأمة العربية قبل أن يستشري الاتجاه الساداتي.. لكن نظامها الحالي استجاب فورا للطلب الأمريكي بالانضمام إلى التحالف الغربي المعادي للعراق و للأمة العربية، غير أن النقد الموجه لهذه الاستجابة من قبل الانتلجنسيا و الأحزاب المصرية كان نقدا خجولا و باهتا، و هذا ينسحب كذلك على التجمع الوحدوي التقدمي؟
لطفي الخولي: أعتقد أن هذه الرؤية غير دقيقة للواقع المصري، فأي إنسان – الآن – بإمكانه أن ينتقد، و بأعلى صوت، سياسة مبارك و سياسة الحكومة و رئيس الجمهورية شخصيا، إما بالكتابة في الصحف و إما في الاجتماعات العامة دون أن يصدر رد فعل من الرئاسة أو من الحكومة لاتخاذ إجراءات مقيدة للحرية في حق الشخص الذي مارس هذا النقد.. أو إجراءات تمس معاشه و رزقه و حياته و عمله في هذا الإطار، و ربما باستثناء الجماعات الإسلامية المتطرفة التي تستخدم العنف و السلاح. و من هنا، أيضا، لا أتصور أنه كان هناك خلل في هذا الأمر، و الدليل على ذلك أن جريدة “الشعب”، و هي لسان حال حزب العمل، كانت في الحقيقة لسان حال النظام العراقي، و أيضا، جريدة “الأهالي”، جريدة حزب التجمع، و إزاء هذه الحيرة و التناقضات و البلبلة في مصر و العالم العربي من الأزمة، اتخذت أسلوبا فتحت معه أساسا، صفحاتها لكافة الاتجاهات، سواء المؤيدة للعراق أو تلك التي كانت تهاجمه. و الأكثر من هذا، ظلت السفارة العراقية، قبل أن يقطع صدام علاقته الدبلوماسية مع مصر، توزع نشرة العراق الصحفية بما فيها خطابات صدام حسين الذي انتقد فيها بحدة، إلى درجة السباب، الرئيس مبارك و كانت توزع على الصحف و لم يمنعها أحد. هذا المناخ موجود في مصر و بالتالي لا أحد، الآن، يخاف من نقد النظام، و الذي انعكس في مصر هو الرأي العام الحقيقي.
الساداتية في انحسار
قضية استشراء الساداتية، أعتقد، على العكس من ذلك، بأنها في انحسار لأن السياسة الساداتية أثبتت عدة مسائل أهمها: أنها فككت جهاز الدولة و فاعليته و قدرته، و لم يعد يؤدي خدمات حقيقية، لأنه، في الحقيقية، كان قد تم الدمج بين مافيا الانفتاح الاقتصادي و بين الدولة و سيطرة المافيا عليها، و منها مثلا شركات توظيف الأموال مثل شركة “الريان” و غيرها.
الآن، يحصل العكس حيث هناك إجراءات لضرب السيطرة و لضرب، كذلك، سياسة الانفتاح الاقتصادي التي خدمت مجموعة صغيرة من المغامرين و الأفاقين المصريين و العرب و الأجانب فيما يسمى برجال الأعمال الجدد، و هم، في الحقيقة، لا علاقة لهم حتى بالنظام الرأسمالي و ما قاموا به يعد عملية نصب كانت واضحة. الحملة الشعبية استطاعت أن تضغط على الحكومة في سبيل إيقاف هذه العملية و إظهار عدد كبير من قضايا الفساد ابتداء من أخ السادات عصمت السادات إلى محافظي الجيزة. طبعا، لا زال هناك فساد، و يجب أن يلاحق من خلال خطة مدروسة و ليس اصطياد أفراد فقط و ترك آخرين. ليس كلامي معناه كل شيء على ما يرام. نحن لا زلنا نعارض الاختيارات الاجتماعية و السياسية للحكومة و الدولة
ليس من حق أحد إسقاط منظمة التحرير الفلسطينية
لكن فكرة الوصول إلى صياغة وحدوية في العالم العربي للخروج من المأزق و استخدام وزن مصر في هذا الإطار، نحن نؤيدها؛ نؤيد القضية الفلسطينية باعتبارها المحور الرئيس للنضال العربي ككل، سواء على المستوى الرسمي أو على المستوى الشعبي. لكننا نختلف مع النظام اختلافا شديدا في موقفه من منظمة التحرير الفلسطينية التي هي الممثل الشرعي و الوحيد للشعب الفلسطيني، لأن هذه إرادة الشعب الفلسطيني، فضلا عن أنها منظمة نضالية سياسية تستحق كل الوسائل بما فيها الكفاح المسلح ضد الاحتلال الإسرائيلي، و أيضا الانتفاضة الجماهيرية الفلسطينية البديل المعنوي للهوية الفلسطينية و الأرض الفلسطينية، كما ليس من حق أحد التدخل في شؤونها الداخلية و فرض قيادة بديلة عن القيادات التي ينتخبها الشعب الفلسطيني بكل ديمقراطية حقيقية. لكن القضية التي يجب أن نثير هي هل نستطيع مع باقي المعارضة أن نكون البديل للنظام القائم؟ أقول لك لا نستطيع! نعم، نحن نريد أن نكون البديل لكن علينا في هذا أن نميز بين أمرين: ما هو الأسلوب في أن نكون البديل؟ هل باللعبة الديمقراطية التي نستطيع من خلالها أن نأخذ وزن الجماهير، ليس فقط عن طريق البرلمان، و إنما عن طريق الشارع و عن طريق الفاعليات، لكي نفرض وجودنا كبديل و بالتالي احترام اللعبة الديمقراطية أو سنكون البديل عن طريق العنف؟ نحن نرى أن العنف أدى إلى تدمير الجماهير و بالتالي نحترم اللعبة الديمقراطية و نحاول، طالما لا نستطيع أن نكون البديل الآن، أن نكون قوة ضغط حقيقية على الحكومة في عدد من القضايا الرئيسية، سواء من الناحية الاقتصادية أو السياسية. و أعتقد مع تراكم هذا الضغط و تراكم النجاح في طرح برنامج بديل ممكن و حقيقي و مدروس، لا بد أن نصل إلى تحقيق الكثير من المكاسب، و إلى أن نكون البديل مستقبلا و هذا هو سبيلنا.
هناك فرق بين التبعية و الانفتاح على الغرب
أنوال: قلت في كلامك إن الساداتية في انحسار، و لكن الذي يبدو كحقيقة مؤكدة أن الساداتية قامت على توجهين خطيرين، أولا، الانفتاح على الغرب و الثاني تطبيع العلاقات مع إسرائيل، و الواقع المصري الآن يؤكد على استمرار السياسة المصرية على قاعدة هذين التوجهين. و لذلك، فالنظام المصري هو أكثر ارتباطا الآن بأمريكا و أكثر تطبيعا في علاقته مع إسرائيل بدليل الزيارات الأخيرة لرموز الكيان الصهيوني لمصر. و علي هذا الأساس ليس هنالك انحسار بقدر ما هنالك تكريس لها؟
لطفي الخولي: أنا اعتقد أن سؤالك يمت إلى الماضي و ليس إلى الواقع و المستقبل، لأنه عندما تقول الانفتاح على الغرب، هذه قضية تسود الواقع الرهن في العالم ككل، لأن الانفتاح يعني الانفتاح على الغرب. هناك فرق بين الانفتاح على الغرب و بين التبعية للغرب. و الذي لا ينفتح على الغرب، في الحقيقة، ينعزل، بدليل ما حصل للاتحاد السوفييتي و هو ما هو بقوته الضخمة، و الصين بما هي عليه.. و البلدان الاشتراكية عموما و ما حدث فيها. إن الهروب من الواقع إلى الشعار (الانفتاح على الغرب) و اعتباره سبة و خطرا يمكن أن يكون هذا صالحا في الخمسينيات آو الستينيات، لأنه – آنذاك – كانت تريد أن تؤكد استقلالها الوطني في مواجهة الاستعمار القديم و الجديد و أنت مدعم بالقوة الاشتراكية و بالقوة الديمقراطية من الجانب الآخر. و كانت هذه هي القاعدة الممكنة في إطار الحرب الباردة و صعود حركة التحرر العربية و العالمية ضد الاستعمار و الاستعمار القديم. لكن كما أنك أنت تتغير، المغرب كذلك يتغير. المشكلة ليست هنا، و لا يجب أن نظل في تلك العقدة من الغرب، و إنما هي في أن نتعامل معه على قدر الإمكان بندية. و هذه الندية، امتلكها أولا من الثقة بالنفس و من التراث و بالهوية الوطنية، و في نفس الوقت، لا أنزلق إلى التبعية. و التبعية هنا، معناها أن يفرض علي نمط معين من الحياة (سياسيا و اجتماعيا ..الخ) دون النظر إلى المصالح الحقيقية للبلد. السادات كانت سياسته تقوم على التبعية الكاملة، و كانت محاولاته ترمي إلى تطبيع كامل.. بمعنى أن السادات منح، خطيا، الولايات المتحدة الأمريكية حق إقامة قواعد عسكرية في مصر، منها، مثلا قاعدة مشهورة اسمها قاعدة “بنات” في المنطقة الآسيوية من مصر. لكن عندما يأتي النظام الحالي و يرفض إقامة هذه القواعد الأمريكية، أنا أعتبر هذا تقليل من التبعية. نحن مدينين للولايات المتحدة الأمريكية و مصر تأخذ منها بسبب أزمتها الاقتصادية ما يعادل مليار دولار و مائتي ألف جنيه سنويا، و لا يوجد بلد آخر في العالم يمكن أن يقدم هذه المعونة. شخصيا أنا ضد هذه المعونة من الناحية النظرية و أعتبرها إحدى وسائل التبعية. و عندما تراكمت الديون كان هناك أسلوبين: الأسلوب الذي تريده الولايات المتحدة و هو رهن عدد من المرافق و الإنتاج المصري الأساسية لهذه الديون، و كان السادات قد وافق على ذلك، بأن رهن قناة سويس، و رهن إيراد أو جزء من إيراد البترول؛ و عندما يأتي النظام الحالي و يقول لا لهذا الأسلوب، أنا أعتبر ذلك تبعية، لكن استمرار أخذ هذه القروض هو جزء من التبعية؟ فإذن، القضية، قضية جدلية، و طالما هي كذلك، أنا أثق في انه يمكن أن نتحرر من التبعية عكس الأسلوب الذي كان السادات يسير فيه و هو الموافقة على كل ما تطلبه الولايات المتحدة الأمريكية بدون مناقشة، هذا من ناحية، أما من ناحية أخرى، أن مصر، الآن، ليست كما كانت، و أرجو أن تروا، الوقائع الحقيقية كما تجري في مصر، و ليس الاكتفاء بالسماع عنها. أتصور أن الواقع الجديد غير واضح بالدرجة الكافية، و كأن الشعب المصري قد استسلم للتبعية و للغرب و أنه عديم التجربة.. و أنه خان تراثه.. هذا الكلام غير صحيح. لا يوجد شعب يخون و يستسلم.. و هناك مواقف أساسية لا يستطيع الشعب المصري، بحكم تراثه و بحكم وعيه، أن يتخلى عنها. و أحيانا، نحن نشعر، كقوة وطنية، بضيق من أن النقد يتجاوز النظام إلى الشعب، و بعض الكتاب و بعض الصحف ذات اتجاهات أكثر أمريكية – يعني ملكيين أكثر من الملك – نواجههم و نكتب ضدهم، مع الحزن و الألم الشديدين، يفضلون إسرائيل عن فلسطين، و هناك من هاجم ليس فقط منظمة التحرير الفلسطينية و إنما الشعب الفلسطيني نفسه، و هذا أمر لا يمكن إخفاؤه أو السكوت عنه.
بالنسبة للتطبيع مع إسرائيل، السادات حاول أن يكبل مصر بعدد كبير جدا من اتفاقيات التطبيع في الاقتصاد و السياحة و التعليم و البحث العلمي، بما في ذلك مد مياه النيل إلى إسرائيل.. و حتى خلال عصر السادات فشلت سياسته اتطبيعية و معروف أن الشعب المصري رفض هذه السياسة، و اعتبر أن القضية الأساسية التي يجب أن تحل لكي يكون قبولا ما لإسرائيل، هو الحد الأدنى من مطالب الشعب الفلسطيني في إقامة دولته الوطنية
الفلسطينية، في غزة و الضفة الغربية و القدس، و دون ذلك يرفض الشعب المصري التطبيع. لكن الأهم الذي يجب أن يعرف هو أن البيروقراطية المصرية – و هي بيروقراطية وطنية – عرقلت و أوقفت التطبيع، و هذا هو الذي جرى.
ما يحدث على المسرح السياسي، بخصوص تبادل الزيارات بين الوزراء، هذا مرده العلاقات السياسية بين النظام المصري و النظام الإسرائيلي، طبعا، من المتغيرات
السلبية أن يصبح هذا الكلام عاديا، لكن هذه الزيارات، في الحقيقة، لا تقدم أي شيء، لأنها عبارة عن زيارات بروتوكولية و ليست زيارات ذات معنى سياسي، بدليل أن الأمور لم تتحسن، و أن إسرائيل تشكو من أن السلام بينها و بين مصر، هو سلام بارد، و أنها لم تنجح.. و أن مصر ضد سياحة المصريين في إسرائيل.. و أن أي مصري يذهب إلى إسرائيل، تطارده أجهزة الأمن الإسرائيلية. الدليل الآخر أيضا، عندما أرادت إسرائيل، طالما هناك علاقات دبلوماسية و الجميع يريد السلام، أن يجتمع مبارك مع شامير، سواء في القاهرة أو القدس المحتلة، رفض مبارك، و رفضه، في الحقيقة، تعبير عن إرادة شعبية و عن الوعي السياسي للنظام المصري، لأن مثل هذا اللقاء هو طعنة ممكن أن تستهدف القضية العربية الفلسطينية في مواجهة إسرائيل، و يمكن أن يستخدمها شامير في هذا الإطار إسرائيليا، و بالتالي لم يتم هذا اللقاء و اشترط مبارك أن يكون هناك إعلانا إسرائيليا رسميا واضحا لقبول المؤتمر الدولي و حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره و إيقاف العنف ضد الانتفاضة الفلسطينية، هذا في إطار وجود معاهدة كامب ديفيد، الآن، بين مصر و إسرائيل لأنه لا يمكن إلغاؤها، و إلغاؤها يعني أن يكون مستعدا لرد الفعل العسكري، فلا مصر و لا العرب مستعدون لذلك، لا أريد من هذا الكلام أن يظن، بأن مصر استطاعت الخروج مما أحدثه لها السادات من تدمير و آلام و قطع العلاقة مع العرب.. لكن من الواضح، كما بينت لك بالوقائع، أن هناك مواجهة لانحسار الساداتية فيما يتعلق، كذلك، بالعلاقات العربية و بالعلاقات مع إسرائيل و الغرب عموما، بدليل أن مصر تفتح علاقتها، الآن، مع أوروبا و الاتحاد السوفييتي بشكل كبير. اليوم هناك مشروع فوسفاط “أبو طرطور” و هو يكاد يوازي السد العالي، ثم الاتفاق حوله مع الاتحاد السوفييتي و تم التوقيع عليه هذا العام، و المشكلة مع الاتحاد السوفييتي تكمن في قضية تمويل هذا المشروع. إذن، هناك حركة للخروج من أسر التبعية، بقدر أو بآخر، مع الأسف الشديد، تسود العالم العربي كله. و عندما ننظر إلى هذا الأمر، لا ننظر إلى مصر وحدها، و إنما ننظر إلى التبعية في كل العالم العربي. هل تستطيع مصر أن تفعل أكثر؟ و النظام مسؤول، و نحن نواجهه بهذه المسؤولية و نطالبه باستمرار مع الولايات المتحدة الامريكية.
مصر بدون العرب.. تصبح مثل التشاد أو الغابون
أنوال: و كيف سيكون عليه الدور المصري فيما يرتب الآن من لقاءات تمهيدية لما يسمى بمؤتمر السلام حول الشرق الأوسط؟
لطفي الخولي: أنا أضيف، إلى ما سبق أن قلته، بان مصر، سواء بدور إيجابي أو سلبي، لها تأثيرها على العالم العربي، ليس فقط لأنها مصر بالطريقة الفرعونية التي يعبر عنها بعض الأخوة المصريين، مصر هي ثقل معين، في موقع استراتيجي معين، بثقل سكاني معين، بمجموعة من التقنوقراط و المفكرين.. الخ. شاءت مصر أم لم تشأ، و شاء العرب أم لا، هناك دور لمصر، المهم أن يكون هذا الدور إيجابيا و ليس سلبيا. و هذه ليست مسؤوليتنا نحن الشعب المصري بقواه الوطنية فحسب، بل أيضا، مسؤولية كل القوى العربية، خصوصا بعد تجربة القطيعة التي تمت بين مصر و البلدان العربية بعد اتفاق “كامب ديفيد” باعتماد شعار عزل النظام. و في الحقيقة أن الشعب المصري هو الذي تم عزله، و كانت نتيجة هذا الموقف العبثي بأن خرج العمود الفقري للأمة العربية من الجسم، و في الحقيقية وقع تحت القبضة الأمريكية. و مصر بدون العالم العربي تصبح بلدا مثل التشاد أو الغابون، و هي قضية تتصل بالحياة أو الموت، بالتقدم أي تقدم العالم العربي ككل، و ليس بمصر وحدها. و المفروض أيضا، أن يعي النظام و القوى الشعبية هذه المسؤولية فيما يجري الآن. اعتقد أن هناك نقطة يجب التوقف عندها: من الواضح أن جميع التيارات و الحركات على اختلاف اتجاهاتها، أصبحت ترى، على الأقل، في الواقع الراهن و المستقبل المنظور، من 20 إلى 25 سنة، على انه ليس في قدرتنا أن نحسم الصراع مع إسرائيل عسكريا، كما ليس في قدرة إسرائيل أن تحسم الصراع معنا عسكريا. و أيضا، لم يعد ممكنا لا للشعب الفلسطيني و لا للعالم العربي، أن يتحمل التكاليف الباهظة من ضياع الوقت و الجهد و المال و الاستقرار و التنمية و التطور الطبيعي في داخل كل بلد عربي و هي أمور تقود إلى ديمقراطية حقيقية.
التسوية السياسية هي الحل الوسط
أمامنا، ما أسميه، ثلاث صيغ لا يجب أن نخلط إحداها بالأخرى:
أن يكون هناك حلا تاريخيا لهذا الصراع. هذا الحل التاريخي، من حقنا، يستند إلى الحق التاريخي للشعب الفلسطيني في كون فلسطين كلها للعرب، يقابله حق تاريخي يدعيه اليهود و الإسرائيليون على أساس أن فلسطين كلها لإسرائيل. استمرار هذا الوضع و هذا التصادم بين الحقين التاريخيين، سواء ما نعتقد انه حقنا أو يدعيه الإسرائيليون بأنه حقهم، لا حل له غير الحسم العسكري، و هذا بالطبع غير متوفر الآن، رغم قوة إسرائيل النسبية، لا بالنسبة لنا و لا بالنسبة لهم. و ليس أيضا، ممكنا حتى و لو توفرت لنا القوة العسكرية في هذه اللحظة نتيجة النظام العالمي الآخذ في التشكل و الذي أصبح يجرم، ما يسميه، النزاعات الإقليمية بالقوة المسلحة.
هناك التسوية السياسية، و هي، في الحقيقة، الحل الوسط الذي يقوم على أساس الاعتراف بشعبين و بدولتين في فلسطين طبقا للقرار 181 لسنة 1947 الصادر عن الأمم المتحدة، دعك من الموافقة أو عدم الموافقة على التقسيم! لكن هذا الأمر، أصبح هو الشرعية الدولية و بالتالي الوصول إلى هذه التسوية رهن بعلاقات القوة بيننا و بين إسرائيل في المحيط الإقليمي و المحيط الدولي. و كان من الممكن، الوصول إلى هذه التسوية لو أن البلاد العربية اتفقت على ذلك في قضية الخليج. لكن للأسف الشديد، كانت هناك انقسامات.. كما كانت هناك محاولة الانتقام القبلي بدعم من البلدان الخليجية من الفلسطينيين و من منظمة التحرير الفلسطينية. الآن بعد تدمير العراق و فشل فرض “مشروعه القومي” على الكويت و الخليج العربي و هي مغامرة، للأسف، غير محسوبة، بدليل نتائجها و بدليل أن أنه لم تتم المواجهة بين القوات العراقية و القوات الأجنبية الغازية. التحالف الدولي في صياغته السياسية، بما فيهم الأوروبيون و العرب و الاتحاد السوفييتي رغم قيادة أمريكا له، بشكل مباشر أو غير مباشر، لم يعد يقبل استمرار إسرائيل كدولة محتلة بهذا الشكل، لأنها مخلة بمبدأ رئيسي من المبادئ التي صاغتها الشرعية الدولية من خلال الأمم المتحدة. و من هنا، لا بد من – ما أسميه – تسوية ما، و أقول “ما” لأنه، للأسف، علاقات الدول العربية مع إسرائيل ليست في صالحنا بالقدر الكافي، بحيث الذي يضغط هو احتياجات النظام الدولي في محاولة تشكيله لكي تكون له مصداقية و بالتالي، هده التسوية ما، تعني ضرورة بدء انكماش إسرائيل، و ضرورة إيجاد تسوية في ذهن الولايات المتحدة و إسرائيل التي تريد أن لا تصل إلى الدولة الوطنية الفلسطينية المستقلة، و من هنا الكلام عن الكونفدرالية مع الأردن، و الصعوبات التي تثيرها إسرائيل نحوها. لكن إسرائيل أصبحت تواجه، حتى على الرغم من النفي الأمريكي، بضغوط أمريكية.
حوار أجري بمدينة طنجة يوم 7 غشت 1991.