“طوفان الاقصى” و تلاحم في بلاغة المقاومة

بقلم: المصطفى روض

شكلت معركة “طوفان القدس” المباغثة ضربة قوية لبنية الجيش الإسرائيلي العسكرية، سواء لجهة التدمير الذي أصاب آلياته  و مجنزراته  و مستوطناته أو لجهة حصيلة القتلى في عناصره المدنية من المستوطنين الصهاينة الذي عادة ما يلعبون دور جيش احتياطي ينفذ السياسات الاستيطانية التي تقوم خططها على مصادرة الأراضي الفلسطينية و إقامة المستوطنات فيها كأعمدة و آليات لمراقبة الحركة النضالية والشعب الفلسطيني  والتجسس على فصائله الثورية التي تشكل العمود الفقري لحركته الوطنية التحررية.
و يبدو من خلال تصريحات رموز الكيان الصهيوني على “طوفان الأقصى” بمن فيهم نانتنياهو، الصهيوني الشرس قاتل النساء و الأطفال و الأسرى الفلسطينيين، أن شعورهم بمرارة و قساوة الضربة المباغتة التي اطلقتها حركة “حماس”، تعطي الانطباع بأن ما كان يسمى أقوى جيش في العالم هي اكذوبة لا تنطلي سوى على من يسهل عليهم تصديقها ممن تتسرب إلى اذهانهم بسهولة فائقة نتيجة تأثير ماكينة الإعلام الصهيوني، بحيث بنفس الدرجة صدقوا أن دولة الاحتلال الصهيوني هي دولة ديمقراطية و بأنها البلد الديمقراطي الوحيد في المنطقة العربية.

إسرائيل ترتكب جرائم حرب في حق السكان المدنيين
و ها هي الدولة الصهيونية “الديمقراطية” و ب “أقوى” جيش في العالم، تبرهن، مرة أخرى، أن ردة فعلها على مقاومي حركة “حماس”، تتوجه إلى الإنتقام من السكان الفلسطينيين العزل من خلال ارتكابها لجرائم

حرب شنيعة تنتهي عادة بقتل المدنيين العزل من شيوخ و نساء و أطفال و تدمير منازلهم على رؤوسهم بأفتك الأسلحة و الصواريخ التي تتبرع بها الولايات المتحدة بسخاء خدمة للاستراتيجية المشتركة و المتبادلة في المصالح:  “أنت دركي في المنطقة العربية و انا داعمتك الدائمة بالسلاح و التكنولوجيا و المال! حسب التعبير الضمني للسان الحال الامبريالي كما هو التعبير المباشر لوقائع  التجربة المريرة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

و لا يستبعد أن يغامر الجيش الصهيوني، الذي بدأ في إطلاق هجماته العسكرية أرضا و بحرا و جوا لدك المناطق الآهلة بالسكان المدنيين العزل في قطاع غزة، للتهجير القسري للفلسطينيين في إطار خطة الضم التي كانت تتاهب حكومة نتنياهو لتنفيذها على الضفة الغربية بعد أن حركت ماكينة القتل العسكرية، و التي اسفرت حتى صباح أمس، عن مقتل 256 شهيداً و 1788 إصابة بجراح مختلفة، و قد تكون حصيلة القتلى في صفوف الفلسطينيين المدنيين ثقيلة و مؤلمة نظرا للتعطش الصهيوني للدم الفلسطيني.

ضربة “طوفان القدس” حدث مباغث

تفاعل العالم كله مع ضربة “طوفان القدس” كحدث مباغث. و ما يهم في المنطقة العربية، التعبيرات التي اطلقتها العديد من القوى السياسية التي عبرت عن تضامنها مع عملية حركة “حماس”، و باركتها طالما هي ضربة موجعة للمجتمعين العسكري و المدني الاستيطاني الصهيوني. في هذا السياق، حيا، تيسير خالد، عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين “رجال المقاومة، الذين انتصروا لمدينة القدس و المسجد الأقصى و كنيسة القيامة و للحركة الوطنية الفلسطينية الاسيرة و معاناة الأهالي في بلدة حوارة بشكل خاص و بلدات و قرى الريف الفلسطيني بشكل عام من اعتداءات المستوطنين و الممارسات الوحشية لجبش الاحتلال و منظمات الارهاب الصهيوني، التي تتخذ من المستوطنات و البؤر الاستيطانية و ما يسمى المزارع الرعوية ملادات آمنة بحماية جيش و شرطة الاحتلال و المحكمة العليا”.

في ذات السياق، عبرت كتائب الشهيد أبو علي مصطفى، التي أعلنت عن حالة الاستنفار القصوى في صفوف مقاتليها، لتؤكد أنه في “ظل المشاهد البطولية التي يرسمها أبطال المقاومة في داخل أراضينا المحتلة، ولحظات الافتخار والاعتزاز والملحمة البطولية التي نخوضها نؤكد أنّ هذه المعركة البطولية بداية هزيمة هذا العدو ورحيله عن أرضنا، ولن تمحوا من وعي ووجدان الأمة العربية”.
من جانبها عبرت الحركة التقدمية الكويتية على لسان امينها العام، أسامة العبد الرحيم، عن دعمها لعملية “طوفان القدس”، حيث قال بالحرف: “إنّ العملية البطولية النوعية الجريئة للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة التي انطلقت تمثّل رداً مباشراً على الجرائم الصهونية بحق المقدسات والمعتقلين وعمليات الاقتحام المتواصلة لمدن الضفة ورداً على استمرار الحصار على غزة، فإنّ هذه العملية النوعية تثبت مجدداً وبالملموس أنّه لا خيار أمام شعبنا العربي الفلسطيني في مواجهة الكيان الصهيوني إلا خيار المقاومة والصمود، وأنّه لا يمكن بحال من الأحوال تصفية القضية الفلسطينية مهما تآمر المتآمرون واستسلم المستسلمون”.

اسيقاظ ديناميت التضامن الشامل
و في نفس السياق تفاعلت و تضامنت مع عملية المقاومة٠ التي اطلقتها “حماس” العديد من الأحزاب السياسية و المنظمات الحقوقية و الثقافية في المنطقة العربية و العالمية، و هي تطرح أهمية تجدير و استيقاظ دينامية التضامن الشامل مع قضية الشعب الفلسطيني التي تكالبت عليه الضربات من كل جهة، الاحتلال الصهيوني الذي يواصل احتلاله لأراضيه بمنهجية القتل و البطش في حق صفوفه و نخبه السياسية و الثقافية، و التطبيع العربي الذي كان خدمة للكيان الصهيوني و تكريسا لجرائمه و اخلالا بالمسؤولية القومية في دعم القضية الفلسطينة، و داخليا تواطؤ السلطة الفلسطينية و إيغالها في التنسيق الأمني مع العدو الصهيوني و تحولها إلى أداة قمع لنشطاء و مثقفي الحركة الوطنية الفلسطينية، فضلا عن انتشاءها  بحالة التشردم و الانقسام في الساحة الفلسطينية طمعا في ادامة وجودها في السلطة، و هو ما يخدم اطماع الكيان الصهيوني الاستعمارية.

القيمة المثلى لوحدة الحركة الوطنية الفلسطينية
و استنادا إلى ما يطمح له الشعب الفلسطيني من دعم لأي مكون من مكونات حركته السياسية الوطنية في أفق تحرره الوطني، تجدر الإشارة دائما إلى القيمة المثلى في مسألة الوحدة الوطنية للحركة الفلسطينية بكافة مكوناتها على أرضية برنامج و طني موحد ينهي الانقسامات و الاقتتال الداخلي و يضبط شرعية المؤسسات المستمدة من إرادة الشعب الفلسطيني لكي تكون حركته النضالية ذات مردود كبير يحقق نتائجه على الأرض و يجبر الكيان الصهيوني عن المغادرة و الجلاء عن الاراضي الفلسطينية بما فيها اراضي 48 بقوة المقاومة و الكفاح المسلح المستند للوحدة الوطنية المتجذرة المأمولة.