الهليون في وجبات الكيش و الريزوتو

وجبة الهليون-Raoud news- mostafa raoud-image-quinoa الهليون في وجبات
وجبة الهليون-Raoud news- mostafa raoud-image-quinoa الهليون في وجبات
mostafa_raoud_Raoudnews_periodista.jpeg

mostafa_raoud_Raoudnews_periodista.jpeg

بقلم: المصطفى روض

رغبت في تناول موضوع الهليون في وجبات الكيش و لروزوتو لاتحدث عن اهمية و قيمة هده النبتة المستعملة في الغداء بالغرب فيما هي مهملة في بلدان العالم العربي.

بالرغم من أن الطبخ المغربي و ما يوفره من وجبات متنوعة يحتل مكانة خاصة ضمن خريطة الغذاء العالمي و الإشادة القوية به من خبراء التغذية في مختلف البلدان، إلا أنه لا يستعمل العديد من المواد الهامة في وجباته، و أحيانا بعضها الآخر يكون محدود الاستعمال، علما أن المواد المهملة في الطبخ المغربي هي ذات قيمة شاملة وكبيرة. 

و سأشير اليوم لواحدة من هذه المواد الهامة و هي مادة الهليون، و يتعلق الأمر بنبات يسمى بالفرنسية Aspergrs، و هو يستعمل كثيرا في وجبات الغذاء الفرنسي و الإيطالي و الإسباني، و تتنوع وجبات الهليون كما تتنوع أذواق مستهلكيها، فهناك من يرغب في استهلاك الهليون المعد في أحد أنواع الكيش الفرنسي، و آخرين يستهويهم استهلاكه في وجبات اسباكيتي أو الريزوتو المحتوي على جمبري (قمرون) أو أنواع من السمك… 

و في الغرب معروفة جيدا المميزات الغذائية و الصحية لطعام الهليون اللذيذ والخفيف الذي يتناسب مع أجواء الربيع والصيف إلا انه غائب كليا في الوجبات الغذائية المغربية بشكل خاص و العربية بشكل عام. 

وجبة الهلوين بالسلمون المبخر و مورزاريلا

و ثمة أسباب كثيرة لهذا الغياب يفسرها أحد الطباخين السوريين بأن أسعاره باهظة، و زراعته في بلداننا العربية قليلة، فضلا عن الجهل بطرق طبخه أو صعوبة إعداده، علما أنه لا يحتاج إلى خبرة عالية طالما أن إعداده يتم بعدة طرق من قلي و تبخير و سلق. 

و منذ الصغر كان يثيرني شكل هذا النبات، اكتشفته بعد أن أصبح لدي ميل لتعلم الطبخ بفضل التأثير القوي الذي تركته في أمي الحنون التي كانت تثقن صناعة العديد من وجبات الطبخ العالمي بحكم مهنتها. 

اسباراغوس ظل عالقا في ذهني منذ تعرفت عليه لأول مرة

و أتذكر ان هذا النبات ظل عالقا في ذهني منذ اكتشفته للمرة الأولى في سوق منطقة عين السبع القريب من سينما بوليو، و الذي كان الفرنسيون يتوجهون إليه لشراء المواد المفضلة لديهم. 

و فيما بعد ستقع عيني على الهليون معروضا بكثرة في السوق المركزي وسط المدينة، و لم تتح لي الفرصة في أكل أي من وجباته استجابة لرغبة دفينة رافقتني منذ الصغر، و أنا تلميذ أدرس في مدرسة ابتدائية بعين السبع، إلى أن سنحت لي الفرصة، و أنا شاب في العشرينات بمدينة بارشلونة عاصمة كطلونيا، حيث رمقته أولا، في السوق المركزي المحايد لساحة “لاس رامبلاس”، و بعدها أصبحت، بين الفينة و الأخرى، استهلك أكل وجباته في العديد من المطاعم، و هناك يطلقون عليه اسم “اسباراغوس”. 

وجبة الريزوتو بجمبري و الهلوين

ما هو إذن هذا النبات السحري المسمى الهليون الذي لا يستهلكه المغاربة بشكل خاص و العرب بشكل عام؟ 

الهيلوين نبات شكله مستقيم و ممدود مثل القلم، له نكهة مكثفة، و يتميز بتنوع ألوانه الثلاثة (أرجواني، أبيض و أخضر)، و هو نبات يمكن أن يكون بريا أو مزروعا. 

حزمة الهليون بنوعيه الأخضر و الابيض

الهليون طبخه لذيذ، غير إن إعداده يحتاج إلى تنظيفه بطريقة سليمة. و للقيام بذلك، لا بد أولا من وضعه في ماء بارد و غسله جيدا مع الحرص على عدم أتلاف أو كسر بعض أطرافه، و بعدها يوضع على منشفة نظيفة لتجفيفه بعناية. تلي هذه الخطوة، إزالة الجزء الصلب من الجذع، باستعمال اليد بدل السكين حيث نعمل على ثنيه قليلا لينكسر و يتم التخلص من ذلك الجزء الصلب الذي إذا تم الاحتفاظ به سوف يكون غير مفيد لحظة مضغه، علما أن ليس كل نبات الهليون يحتوي جذعه على الجزء الصلب. 

Asparagus_soup_Raoudnews_mostafa_raoud.jpg

Asparagus_soup_Raoudnews_mostafa_raoud.jpg

       نبات الهليون

الهليون معروف عند الاوروبيين بقيمته المزدوجة الغذائية و الصحية، حيث يؤكد الخبراء أن نوعه الأخضر غني بالمواد المغذية و قليل الدهون ما يجعله غذاء محدد للراغبين في فقدان وزنهم الزائد، ذلك انه يحتوي على حوالي 25 سعرة حرارية لكل 100 غرام، بالمقابل هو غني بالماء مما يساعد على ترطيب الجسم و إشباعه، فضلا عن كونه غني بالألياف و مدر للبول، و هو ما يجعله مساعدا على تقليل احتباس السوائل و إزالة السموم من الجسم كما أنه مضاد للأكسدة و غني بالفيتامينات. 

و بعيدا عن الخصائص الغذائية و المميزاته الصحية لنبات الهليون، سأعرض وجبة هلوين من إبداعي الخاص صنتعها خارج كل ما تركه الطبخ الغربي من تراث غذائي له علاقة  بنبات الهيلوين، و كنت أعدها باستمرار منذ أبدعت وجبتها لأول مرة في مدينة أطلانطا، و يتعلق الأمر بوجبة كيش معدة بالهليون و الجزر و اللوز، و كان آخر مرة قمت بإعدادها عام 2016 بمدينة سانتياغو حيث حضرتها في إطار دروس تعليمية لفائدة صديقة كانت ترغب في تعلم الطبخ المغربي، و اقترحت عليها فكرة الوجبة، فرغبت في تعلمها. 

عندما أعددتها في مطبخ الإقامة التي كنت أسكنها و القريبة من القصر الجمهوري، و كان قاطنوها، معظمهم من اللاجئين الفنزويليين، اضطررت رفقة صديقتي، أن نشرك كل من تواجد منهم في الصالون المشترك في أكل تلك الطبخة اللذيذة المعدة بنبات الهليون. 

 في الحلقة القادمة  سنواصل حديثنا عن نبات الهليون و وجباته اللذيذة مع تقديم وصفة لوجبتي الخاصة إلى جانب وصفات لوجبات أخرى قد تكون رهن إشارة كل من يرغب في تعلم إعدادها و تذوقها، و لما لا إضافتها إلى وجباته المفضلة.

risotto_de_esparragos_Raoudnews.com_mostafa_raoud.jpg
risotto_de_esparragos_Raoudnews.com_mostafa_raoud.jpg

الريزوتو بالهليون